أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

كيف تجعل فكرتك أو منتجك ينتشر؟ وما علاقة الذكاء الاصطناعي بذلك؟

كيف تنتشر الأفكار؟ ولماذا تصبح بعض المحتويات “معدية”؟

ما الذي يجعل الأفكار تنتشر؟ القوانين الخفية للعدوى الاجتماعية

هل تساءلت يومًا لماذا تنتشر بعض الأفكار بسرعة كالنار في الهشيم، بينما تظل أفكار أخرى – رغم جودتها أو عمقها – بالكاد تُلاحظ؟ لا يتعلق الأمر بالحظ أو الصدفة كما قد نعتقد، بل هناك آليات خفية، أشبه بقوانين اجتماعية، تحكم طريقة تداول الناس للأفكار والمحتوى. هذه الآليات تُحوّل الفكرة من مجرد معلومة إلى ما يشبه العدوى الاجتماعية – تنتقل من شخص لآخر، من مجموعة إلى أخرى، حتى تصبح موضوع الساعة.

الكاتب Jonah Berger في كتابه "Contagious" يفكك هذه الظاهرة ويقدّم تفسيرًا علميًا لها. برأيه، الانتشار ليس عشوائيًا، بل نتيجة لعوامل نفسية واجتماعية مترابطة تؤثر على سلوك الأفراد في مشاركة وتكرار ما يثير انتباههم.

في عصر الرقمنة، أصبحت قابلية الانتشار تتشكل على شاشات الهواتف ومنصات التواصل. وهنا تأتي أهمية فهم كيف ولماذا ينتقل المحتوى.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستفيد من مبادئ الانتشار الاجتماعي؟

ما يجعل الكتاب أكثر إثارة اليوم هو قابليته للتطبيق على التقنيات الناشئة، وأهمها الذكاء الاصطناعي. كثير من أدوات الـAI لا تنتشر لأنها تُقدَّم بشكل جامد أو تقني، رغم فائدتها.

لكن عندما ندمج مبادئ الانتشار الاجتماعي مع أدوات الذكاء الاصطناعي، يتحول المنتج من مجرد تقنية إلى حكاية يتحدث عنها الناس.

فالنجاح لا يعتمد فقط على ما تفعله التقنية، بل كيف نتحدث عنها.

العملة الاجتماعية: لماذا نشارك ما يجعلنا نبدو أفضل؟

نحن لا نشارك كل ما نعرفه، بل نميل إلى مشاركة ما يجعلنا نبدو أذكى، أو أكثر اطلاعًا، أو مميزين. هذا ما يسميه Berger بالعملة الاجتماعية.

حين يشعر الشخص بأن مشاركة فكرة معينة ستُحسّن صورته أمام الآخرين، يصبح نشرها أمرًا تلقائيًا. لذلك كثير من الأفكار العميقة تختفي، بينما أفكار بسيطة تنتشر لأنها تمنح الناس شعورًا بالتميز.

المحفزات: كيف تربط فكرتك بعادات الناس اليومية؟

نعيش في عالم مزدحم بالمعلومات. لذلك، تحتاج الفكرة إلى محفز يربطها بعادة يومية أو مشهد متكرر ليتم تذكّرها.

على سبيل المثال:
أداة ذكاء اصطناعي تلخّص النصوص قد لا تنتشر تقنيًا، لكن لو رُبطت بمشهد يومي مثل "توفير الوقت في الدراسة"، ستصبح جزءًا من الحوار اليومي للطلاب.

المحفزات تجعل الفكرة "حاضرة في الذهن" عند اللحظة المناسبة.

قوة العاطفة: عندما تتحول الفكرة إلى شعور قابل للمشاركة

العاطفة محرّك قوي للانتشار. الأفكار التي تُحرّك مشاعرنا—إلهام، دهشة، تعاطف، غضب—يتم مشاركتها أكثر.

المقصود ليس التلاعب بالمشاعر، بل تقديم الفكرة في سياق إنساني. كأن تُروى تجربة حقيقية لشخص غيّر الذكاء الاصطناعي جزءًا من حياته. القصة تفتح بابًا للعاطفة، والعاطفة تفتح بابًا للانتشار.

الظهور العلني: كيف يصنع السلوك العام موجات من الانتشار؟

ما يُرى يُقلَّد. عندما نشاهد آخرين يستخدمون أداة ما، نقتنع بها أسرع. منتجات كثيرة تفشل لأنها غير مرئية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، الظهور العلني مهم جدًا:
فيديو توضيحي، بث مباشر، أو مثال بسيط يفتح الطريق أمام الاستخدام الشائع.

الانتشار يحدث في الضوء، لا في الظل.

القيمة العملية والقصص: سر التأثير الذي يستمر ويُعاد ترديده

القيمة العملية عنصر جوهري: أعطِ الناس شيئًا يمكنهم استخدامه فورًا.
نصيحة بسيطة، طريقة سهلة، مثال عملي—هذه الأمور تُشارك لأن لها تأثيرًا مباشرًا.

والقصص؟
منذ فجر التاريخ، كانت القصص وسيلة نقل الأفكار.
بدلًا من شرح تقني معقد، احكِ قصة شخص استخدم الأداة وحل مشكلة حقيقية. القصة تجعل الفكرة قابلة للحفظ والمشاركة.

ببساطة: الوصفة المختصرة لصناعة فكرة "معدية"

لنجعلها بسيطة:

  • اجعل من يشاركك يشعر بالتميز.

  • اربط فكرتك بعادة يومية.

  • حفّز مشاعر قوية.

  • اعرضها أمام الناس.

  • قدم فائدة واضحة.

  • واحكِها في قصة جميلة.

هذا هو ما يصنع الفرق بين فكرة تُنسى وأخرى تنتشر.

لماذا يفشل كثير من محتوى الذكاء الاصطناعي في الانتشار رغم جودته؟

رغم الكمّ الهائل من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تظهر يوميًا، إلا أن نسبة ضئيلة فقط منها تحقق انتشارًا واسعًا أو تتحول إلى عادة يستخدمها الناس بشكل يومي. هذا لا يعني أن الأدوات الأخرى سيئة أو غير مبتكرة، بل لأن الكثير منها يُقدَّم بطريقة لا تراعي طبيعة العقل البشري ولا آليات انتقال الأفكار بين الناس. فالانتشار لا يرتبط دائمًا بالإبداع التقني، بل بمدى قرب الفكرة من حياة المستخدم. عندما يُقدَّم الذكاء الاصطناعي على أنه شيء معقد أو بعيد عن احتياجات الناس العملية، يتحول إلى منتج “تقني” لا يشعر الجمهور بارتباط شخصي معه.

الناس لا يتفاعلون مع التكنولوجيا لكونها متقدمة، بل لأنها تُسهِّل عليهم شيئًا في حياتهم، أو تمنحهم شعورًا بالقوة، أو توفر لهم وقتًا ومجهودًا. لذلك، تفشل كثير من الأفكار المبتكرة لأنها تُركز على “كيف تعمل” بدلًا من “كيف تُفيد”. الانتشار يحتاج لغة بسيطة، مشاهد يومية، أمثلة واقعية، وقصص يمكن للمستخدم أن يرى نفسه داخلها. وعندما تُحوَّل الأداة من كيان تقني إلى جزء من تجربة إنسانية ملموسة، يبدأ الناس في تبنيها ومشاركتها تلقائيًا. النجاح في الذكاء الاصطناعي اليوم ليس سباقًا تقنيًا فقط، بل سباق في الفهم العميق للسلوك الإنساني.

في عالم تتطور فيه أدوات الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، لن يكفي أن تملك تقنية عبقرية. الأهم أن تعرف كيف تجعل الناس يتحدثون عنها، يشاركونها، ويشعرون أنها تخصهم.

فكرتك القادمة قد تكون رائعة… لكنها لن تنتشر وحدها.
بل تحتاج أن تكون معدية.



تعليقات